إشراقات
12-03-2006, 07:37 AM
السلام عليكم و رحمة الله
قال الله
سبحانه و تعالى
في سورة المائدة آية: 79
( كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ )
قال الإمام
القرطبي
رحمه الله في تفسيره:
" كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ " أَيْ لَا يَنْهَى بَعْضهمْ بَعْضًا : " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " ذَمّ لِتَرْكِهِمْ النَّهْي , وَكَذَا مَنْ بَعْدهمْ يُذَمّ مَنْ فَعَلَ فِعْلهمْ .
خَرَّجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَوَّل مَا دَخَلَ النَّقْص عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل كَانَ الرَّجُل أَوَّل مَا يَلْقَى الرَّجُل فَيَقُول يَا هَذَا اِتَّقِ اللَّه وَدَعْ مَا تَصْنَع فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ لَك ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنْ الْغَد فَلَا يَمْنَعهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُون أَكِيلهُ وَشَرِيبه وَقَعِيده فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّه قُلُوب بَعْضهمْ بِبَعْضٍ ) ثُمَّ قَالَ : " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى لِسَان دَاوُد وَعِيسَى اِبْن مَرْيَم ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " إِلَى قَوْله : " فَاسِقُونَ " ثُمَّ قَالَ : ( كَلَّا وَاَللَّه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَر وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِم وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقّ وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقّ قَصْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّه بِقُلُوبِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض وَلَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ ) وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا ، وَمَعْنَى لَتَأْطُرُنَّهُ لَتَرُدُّنَّهُ . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَالْإِجْمَاع مُنْعَقِد عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَر فَرْض لِمَنْ أَطَاقَهُ وَأَمِنَ الضَّرَر عَلَى نَفْسه وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنْ خَافَ فَيُنْكِر بِقَلْبِهِ وَيَهْجُر ذَا الْمُنْكَر وَلَا يُخَالِطهُ.
وَقَالَ حُذَّاق أَهْل الْعِلْم : وَلَيْسَ مِنْ شَرْط النَّاهِي أَنْ يَكُون سَلِيمًا عَنْ مَعْصِيَة بَلْ يَنْهَى الْعُصَاة بَعْضهمْ بَعْضًا ,
وَقَالَ بَعْض الْأُصُولِيِّينَ : فُرِضَ عَلَى الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْكُؤُوس أَنْ يَنْهَى بَعْضهمْ بَعْضًا وَاسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَة ; قَالُوا : لِأَنَّ قَوْله : "كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَر فَعَلُوهُ" يَقْتَضِي اِشْتِرَاكهمْ فِي الْفِعْل وَذَمّهمْ عَلَى تَرْك التَّنَاهِي.
وَفِي الْآيَة دَلِيل عَلَى النَّهْي عَنْ مُجَالَسَة الْمُجْرِمِينَ وَأَمْر بِتَرْكِهِمْ وَهِجْرَانهمْ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْإِنْكَار عَلَى الْيَهُود : " تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا " " وَمَا " مِنْ قَوْله : " مَا كَانُوا " يَجُوز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع نَصْب وَمَا بَعْدهَا نَعْت لَهَا ; التَّقْدِير لَبِئْسَ شَيْئًا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ . أَوْ تَكُون فِي مَوْضِع رَفْع وَهِيَ بِمَعْنَى الَّذِي.
تفسير القرطبي
و قال الله
عزّ وجلّ
في سورة البقرة، آية: 44
( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ )
قال العلامة
محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله
...أنقول لمن لا يفعل ما أَمَر به، ومن لا يترك ما نهى عنه: "لا تأمر، ولا تنهَ"؟
فالجواب: نقول: لا، بل مُرْ، وافعل ما تأمر به؛
لأنه لو ترك الأمر مع تركه فِعلَه ارتكب جنايتين:
الأولى: ترك الأمر بالمعروف؛
والثانية: عدم قيامه بما أمر به؛
وكذلك لو أنه ارتكب ما ينهى عنه، ولم يَنْهَ عنه فقد ارتكب مفسدتين:
الأولى: ترك النهي عن المنكر؛
والثانية: ارتكابه للمنكر..
ثم نقول: أينا الذي لم يسلم من المنكر!
لو قلنا: لا ينهى عن المنكر إلا من لم يأت منكراً لم يَنهَ أحد عن منكر؛
ولو قلنا: لا يأمر أحد بمعروف إلا من أتى المعروف لم يأمر أحد بمعروف؛
ولهذا نقول: مُرْ بالمعروف، وجاهد نفسك على فعله، وانْهَ عن المنكر، وجاهد نفسك على تركه...
تفسير سورة البقرة. المجلد الأول
قال الله
سبحانه و تعالى
في سورة المائدة آية: 79
( كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ )
قال الإمام
القرطبي
رحمه الله في تفسيره:
" كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ " أَيْ لَا يَنْهَى بَعْضهمْ بَعْضًا : " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " ذَمّ لِتَرْكِهِمْ النَّهْي , وَكَذَا مَنْ بَعْدهمْ يُذَمّ مَنْ فَعَلَ فِعْلهمْ .
خَرَّجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَوَّل مَا دَخَلَ النَّقْص عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل كَانَ الرَّجُل أَوَّل مَا يَلْقَى الرَّجُل فَيَقُول يَا هَذَا اِتَّقِ اللَّه وَدَعْ مَا تَصْنَع فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ لَك ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنْ الْغَد فَلَا يَمْنَعهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُون أَكِيلهُ وَشَرِيبه وَقَعِيده فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّه قُلُوب بَعْضهمْ بِبَعْضٍ ) ثُمَّ قَالَ : " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى لِسَان دَاوُد وَعِيسَى اِبْن مَرْيَم ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " إِلَى قَوْله : " فَاسِقُونَ " ثُمَّ قَالَ : ( كَلَّا وَاَللَّه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَر وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِم وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقّ وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقّ قَصْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّه بِقُلُوبِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض وَلَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ ) وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا ، وَمَعْنَى لَتَأْطُرُنَّهُ لَتَرُدُّنَّهُ . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَالْإِجْمَاع مُنْعَقِد عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَر فَرْض لِمَنْ أَطَاقَهُ وَأَمِنَ الضَّرَر عَلَى نَفْسه وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنْ خَافَ فَيُنْكِر بِقَلْبِهِ وَيَهْجُر ذَا الْمُنْكَر وَلَا يُخَالِطهُ.
وَقَالَ حُذَّاق أَهْل الْعِلْم : وَلَيْسَ مِنْ شَرْط النَّاهِي أَنْ يَكُون سَلِيمًا عَنْ مَعْصِيَة بَلْ يَنْهَى الْعُصَاة بَعْضهمْ بَعْضًا ,
وَقَالَ بَعْض الْأُصُولِيِّينَ : فُرِضَ عَلَى الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْكُؤُوس أَنْ يَنْهَى بَعْضهمْ بَعْضًا وَاسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَة ; قَالُوا : لِأَنَّ قَوْله : "كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَر فَعَلُوهُ" يَقْتَضِي اِشْتِرَاكهمْ فِي الْفِعْل وَذَمّهمْ عَلَى تَرْك التَّنَاهِي.
وَفِي الْآيَة دَلِيل عَلَى النَّهْي عَنْ مُجَالَسَة الْمُجْرِمِينَ وَأَمْر بِتَرْكِهِمْ وَهِجْرَانهمْ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْإِنْكَار عَلَى الْيَهُود : " تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا " " وَمَا " مِنْ قَوْله : " مَا كَانُوا " يَجُوز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع نَصْب وَمَا بَعْدهَا نَعْت لَهَا ; التَّقْدِير لَبِئْسَ شَيْئًا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ . أَوْ تَكُون فِي مَوْضِع رَفْع وَهِيَ بِمَعْنَى الَّذِي.
تفسير القرطبي
و قال الله
عزّ وجلّ
في سورة البقرة، آية: 44
( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ )
قال العلامة
محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله
...أنقول لمن لا يفعل ما أَمَر به، ومن لا يترك ما نهى عنه: "لا تأمر، ولا تنهَ"؟
فالجواب: نقول: لا، بل مُرْ، وافعل ما تأمر به؛
لأنه لو ترك الأمر مع تركه فِعلَه ارتكب جنايتين:
الأولى: ترك الأمر بالمعروف؛
والثانية: عدم قيامه بما أمر به؛
وكذلك لو أنه ارتكب ما ينهى عنه، ولم يَنْهَ عنه فقد ارتكب مفسدتين:
الأولى: ترك النهي عن المنكر؛
والثانية: ارتكابه للمنكر..
ثم نقول: أينا الذي لم يسلم من المنكر!
لو قلنا: لا ينهى عن المنكر إلا من لم يأت منكراً لم يَنهَ أحد عن منكر؛
ولو قلنا: لا يأمر أحد بمعروف إلا من أتى المعروف لم يأمر أحد بمعروف؛
ولهذا نقول: مُرْ بالمعروف، وجاهد نفسك على فعله، وانْهَ عن المنكر، وجاهد نفسك على تركه...
تفسير سورة البقرة. المجلد الأول