فلان_999
11-20-2006, 08:08 PM
ملك الموت عليه السلام
محمد بن صالح المنجد
ملخص المادة العلمية
1- اسم ملك الموت 2- حديث البراء في عمل ملك الموت في قبض روح المؤمن والكافر 3- لا يستعصي على ملَك الموت أحد مهما نأت الديار وكثر الموت 4- كلام ملك الموت مع المحتضرين مسلمين وكفاراً وعصاة 5- مواقف لملك الموت مع الأنبياء 6- حديث لَطم موسى لملك الموت ودفع إشكاله 7- الاستعداد للقاء ملك الموت 8- موت ملك الموت
قوله: (ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين) الطحاوية
شرح طحاوية
ومن ساداتهم - ملك الموت - عليه السلام ولم يجيء مصرحا بإسمه في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة، وقد جاء في بعض الآثار تسميته بعزرائيل، فالله أعلم قاله الحافظ ابن كثير،وفي أصول الإيمان محمد بن عبد الوهاب (101).
عمل ملك الموت عند القبض
((حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَه،ُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْض،ِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَر،ِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ..
قَالَ: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوه،ِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ. قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ)).رواه أبو داود وأحمد وهو حديث صحيح.
تسليم ملك الموت على المؤمن عند قبض روحه
عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه
((ليس من مؤمن يقبض روحه إلا سلم عليه)) هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون [الأنعام آية:61].
حتى إذا انتهت مدة أحدهم كائنا من كان وجاءه اسباب الموت ومباديه توفته رسلنا الآخرون المفوض إليهم ذلك وهم ملك الموت وأعوانه وانتهى هناك حفظ الحفظة. تفسير أبي السعودْ
أمر الله لملك الموت بقبض الأرواح المعينة.
عن عكرمة رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: وهو الذي يتوفكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار . قال يتوفى الأنفس عند موتها، قال: وما من ليلة إلا والله عز وجل يقبض الأرواح كلها فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار ثم يدعو بملك الموت عليه السلام فيقول اقبض هذا وهذا وما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الناس قائل يقول ثلاثا وقائل يقول خمسا.
لا يستعصي على ملك الموت أحد
حدثنا محمد بن العباس بن أيوب حدثنا زياد بن يحيى حدثنا عبد ربه بن بارق الحنفي قال حدثني خالي زميل بن سماك الحنفي أنه سمع أباه يحدث ولقي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في المدينة بعدما كف بصره قال: قلت: هيه يا ابن عباس ما تقول في أمر غمني واهتممت به؟ قال: قلت: نفسان اتفق موتهما في طرفة عين، واحد في المشرق، وواحد في المغرب كيف قدر عليهما ملك الموت قال: والذي نفسي بيده ما قدرة ملك الموت على أهل المشارق والمغارب والظلمات والنور والبحور إلا كقدرة الرجل على مائدته يتناول من أيها شاء.
حدثنا محمد بن شعيب حدثنا أحمد بن أبي سريج حدثنا عبد الله بن الجهم حدثنا عمرو بن أبي القيس عن بشير بن عاصم عن ابن أبي ليلى عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد رحمه الله تعالى في قوله تعالى: قل يتوفكم ملك الموت الذي وكّل بكم قال: حويت له الأرض فجعلت له مثل الطست يتناول منها حيث شاء .
حدثنا أبو يحيى الرازي حدثنا هناد حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد رحمه الله تعالى قال جعلت الأرض لملك الموت عليه السلام برها وبحرها وجبلها وسهلها كالطست يأخذ منها حيث يشاء.
إذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ووقع الوباء بأرض والتقى الزحفان كيف تصنع
كيف الأمر إذا حدث زلزال أودى بمئات الآلاف من البشر دفعة واحدة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب. قول الله تعالى: الله يتوفى الأنفس فإنه سبحانه يتوفاها برسله كما قال: توفته رسلنا يتوفاكم ملك الموت فإنه يتوفاها برسله الذين مقدمهم ملك الموت.
الجمع بين علو الرب وقربه: فتاوى ابن تيمية (ص 5/235).
قربه من الميت
وقوله: فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون . فالمراد به قربه إليه بالملائكة، وهذا هو المعروف عن المفسرين المتقدمين من السلف. قالوا: ملك الموت أدنى إليه من أهله، ولكن لا تبصرون الملائكة. شرح حديث النزول ابن تيمية.
وأما قوله تعالى: ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فالمراد به قرب أعوان ملك الموت من المحتضر بدليل سياق الآية وهو قوله تعالى: فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون . (الواقعة 83 84)
ونحن أي ملائكتنا وعبر بهم عنه سبحانه لأنهم رسله ومأموروه
أقاويل الثقات للكرمي (101 – 299).
معنى النازعات غرقا
وأما النازعات غرقا فهى الملائكة القابضة للأرواح، وهذا يتضمن الجزاء وهو من أعظم المقسم عليه قال تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون . وقال تعالى: توفته رسلنا وهم لا يفرطون . أقسام القرآن ابن تيمية.
ملك الموت وأعوانه.
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ .
ويرسل عليكم حفظة: أي من الملائكة يحفظون بدن الإنسان كقوله له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وحفظة يحفظون عمله ويحصونه كقوله وإن عليكم لحافظين الآية وكقوله عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وقوله إذ يتلقى المتلقيان الآية، وقوله حتى إذا جاء أحدكم الموت أي احتضر وحان أجله توفته رسلنا أي ملائكة موكلون بذلك قال ابن عباس وغير واحد: لملك الموت أعوان من الملائكة يخرجون الروح من الجسد فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم.تفسير ابن كثير.
وقد سمي في بعض الآثار بعزائيل، وهو المشهور قاله قتادة وغير واحد.
وله أعوان، وهكذا ورد في الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت.
عن الربيع رحمه الله تعالى قال سألته عن ملك الموت هل هو وحده الذي يقبض الأرواح قال: هو الذي يلي أمر الأرواح وله أعوان على ذلك. ألا تسمع قال الله عز وجل حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قال توفته رسلنا وهم لا يفرطون غير أن ملك الموت عليه السلام هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب.
سفينْ عن منصور عن إبراهيم قال أعوان ملك الموت ثم يقبضها ملك الموت منهم بعد. تفسير الثوري.
استعراض ملك الموت للخلق
وقد نقل ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره أن ملك الموت يتصفّح الخلق واحدا واحدا كل يوم، ويتصفّح أهل كل بيت، وأنه أعلم بهم كبيرهم وصغيرهم من أنفسهم، ينظر متى يُؤمر بقبض كل نفس ليقبضها.
الكلام مع الأموات عند نزع الروح
مع الكفار
[الأعراف آية:36-37].
وقوله تعالى: حتى إذا جاءتهم رسلنا أي ملك الموت وأعوانه يتوفونهم أي حال كونهم متوفين لأرواحهم قالوا لهم أينما كنتم تدعون من دون الله أي أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا.
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الأنفال].
يقول تعالى مامعناه: ولو عاينت يامحمد حال توفي الملائكة أرواح الكفار لرأيت أمرا عظيما هائلا فظيعا منكرا إذ يضربون وجوههم وأدبارهم ويقولون لهم ذوقوا عذاب الحريق بل قال تعالى: ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ، وفي سورة القتال مثلها، وتقدم في سورة الأنعام قوله تعالى: ولو ترى إذ المجرمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم . أي باسطوا أيديهم بالضرب فيهم بأمر ربهم، إذ استصعبت أنفسهم وامتنعت من الخروج من الأجساد أن تخرج قهرا وذلك إذا بشروهم بالعذاب والغضب من الله كما في حديث البراء: ((أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصورة المنكرة يقول: اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم وظل من يحموم، فتفرق في بدنه فيستخرجونها من جسده كما يخرج السفود من الصوف المبلول، فتخرج معها العروق والعصب، ولهذا أخبر تعالى أن الملائكة تقول لهم ذوقوا عذاب الحريق)). (ابن كثير)
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل].
كلامهم مع العصاة
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء]
كلامهم مع المؤمنين
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . [النحل:33-34].
وفائدته الإيذان بأن ملاك الأمر في التقوى هو الطهارة عما ذكر إلى وقت توفيهم، ففيه حث للمؤمنين على الاستمرار على ذلك ولغيرهم على تحصيله. وقيل: فرحين طيبي النفوس ببشارة الملائكة إياهم بالجنة أو طيبين بقبض أرواحهم لتوجه نفسهم بالكلية إلى جناب القدس يقولون: حال من الملائكة أي قائلين لهم: سلام عليكم. قال القرظي رحمه الله إذا استدعيت نفس المؤمن جاءه ملك الموت عليه السلام فقال: السلام عليك يا ولي الله، الله تعالى يقرأ عليك السلام وبشره بالجنة.تفسير أبي السعود.
قصص لملك الموت مع الأنبياء
موقف ملك الموت مع موسى عليهما السلام
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْر،ٍ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَة.ٌ قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ)) (البخاري 1253)
((أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ. قَالَ: فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا، قَالَ: فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي. قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ، فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَة.ً قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ. قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ رَبِّ أَمِتْنِي مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَر))ِ مسلم.
((حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يُونُسُ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ عِيَانًا قَالَ فَأَتَى مُوسَى فَلَطَمَهُ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَأَتَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوسَى فَقَأَ عَيْنِي، وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَعَنُفْتُ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ: لَشَقَقْتُ عَلَيْه.ِ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ: فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى جِلْدِ أَوْ مَسْكِ ثَوْر،ٍ فَلَهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ وَارَتْ يَدُهُ سَنَةٌ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: مَا بَعْدَ هَذَا؟ قَالَ: الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. قَالَ: فَشَمَّهُ شَمَّةً فَقَبَضَ رُوحَهُ. قَالَ يُونُسُ فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَيْنَهُ وَكَانَ يَأْتِي النَّاسَ خُفْيَةً)) رواه أحمد.
((قد كان ملك الموت يأتي الناس عيانا قال فأتى موسى فلطمه)) الحديث، أخرجه أحمد2/533
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
السنة لعبد الله بن الإمام أحمد
قوله: (أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلما جاءه صكه) أي ضربه على عينه, وفي رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد ومسلم: ((جاء ملك الموت إلى موسى فقال: أجب ربك, فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها)) وفي رواية عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة عند أحمد والطبري: ((كان ملك الموت يأتي الناس عيانا, فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه)). قوله: (لا يريد الموت) زاد همام: ((وقد فقأ عيني, فرد الله عليه عينه)) وفي رواية عمار: ((فقال يا رب عبدك موسى فقأ عيني , ولولا كرامته عليك لشققت عليه)). قوله: ((فقل له يضع يده)) في رواية أبي يونس: ((فقل له الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك)). قوله: (على متن) هو الظهر وفي رواية عمار على جلد ثور.
قوله: (ثم الموت) في رواية أبي يونس: ((قال: فالآن يا رب من قريب)) وفي رواية عمار: ((فأتاه فقال له ما بعد هذا؟ قال: الموت قال: فالآن))
قوله: ((فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر)) وقوله: فيه "رمية بحجر" أي أدنني إليها حتى يكون بيني وبينها هذا القدر.
قال ابن خزيمة: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث
والجواب أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ, وإنما بعثه إليه اختبارا، وإنما لطم موسى ملك الموت، لأنه رأى آدميا دخل داره بغير إذنه، ولم يعلم أنه ملك الموت, وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن, وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء, ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول, ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه.
أن موسى دفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة, وأن الله رد عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله فلهذا استسلم حينئذ. وقال النووي: لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحانا للملطوم. وقال غيره إنما لطمه لأنه جاء لقبض روحه من قبل أن يخيره, لما ثبت أنه لم يقبض نبي حتى يخير, فلهذا لما خيره في المرة الثانية أذعن, قيل: وهذا أولي الأقوال بالصواب.
ومعنى رد الله عينه أي أعاده إلى خلقته الحقيقية, وقيل على ظاهره, ورد الله إلى ملك الموت عينه البشرية ليرجع إلى موسى على كمال الصورة فيكون ذلك أقوى في اعتباره, وهذا هو المعتمد. وجوز ابن عقيل أن يكون موسى أذن له أن يفعل ذلك بملك الموت وأمر ملك الموت بالصبر على ذلك كما أمر موسى بالصبر على ما يصنع الخضر.
والجواب عن قصة موسى أن أجله قد كان قرب حضوره ولم يبق منه إلا مقدار ما دار بينه وبين ملك الموت من المراجعتين, فأمر بقبض روحه أولا مع سبق علم الله أن ذلك لا يقع إلا بعد المراجعة وإن لم يطلع ملك الموت على ذلك أولا. والله أعلم.
وأجاب العلماء عن هذا بأجوبة:
أحدها أنه لا يمتنع أن يكون موسى صلى الله عليه وسلم قد أذن الله تعالى له في هذه اللطمة, ويكون ذلك امتحانا للملطوم, والله سبحانه وتعالى يفعل في خلقه ما شاء, ويمتحنهم بما أراد.
والثاني: أن موسى صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه ملك من عند الله, وظن أنه رجل قصده يريد نفسه, فدافعه عنها, فأدت المدافعة إلى فقء عينه, لا أنه قصدها بالفقء, وتؤيده رواية: (صكه), وهذا جواب الإمام أبي بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين, واختاره المازري والقاضي عياض, قالوا: وليس في الحديث تصريح بأنه تعمد فقء عينه, فإن قيل: فقد اعترف موسى حين جاءه ثانيا بأنه ملك الموت, فالجواب أنه أتاه في المرة الثانية بعلامة علم بها أنه ملك الموت, فاستسلم بخلاف المرة الأولى. والله أعلم.
قال أبو حاتم إن الله جل وعلا بعث رسول الله معلما لخلقه، فأنزله موضع الإبانة عن مراده فبلغ رسالته وبين عن آياته بألفاظ مجملة ومفسرة عقلها عنه أصحابه أو بعضهم وهذا الخبر من الأخبار التي يدرك معناه من لم يحرم التوفيق لإصابة الحق، وذاك أن الله جل وعلا أرسل ملك الموت إلى موسى رسالة ابتلاء واختبار، وأمره أن يقول له: أجب ربك أمر اختبار وابتلاء لا أمرا يريد الله جل وعلا إمضاءه كما أمر خليله- صلى الله على نبينا وعليه- بذبح ابنه أمر اختبار وابتلاء دون الأمر الذي أراد الله جل وعلا إمضاءه، فلما عزم على ذبح ابنه وتله للجبين فداه بالذبح العظيم.
وقد بعث الله جل وعلا الملائكة إلى رسله في صور لا يعرفونها كدخول الملائكة على رسوله إبراهيم ولم يعرفهم.
حتى أوجس منهم خيفة وكمجيء جبريل إلى رسول الله وسؤاله إياه عن الإيمان والإسلام فلم يعرفه المصطفى حتى ولى فكان مجيء ملك الموت إلى موسى على غير الصورة التي كان يعرفه موسى عليه السلام عليها وكان موسى غيورا، فرأى في داره رجلا لم يعرفه فشال يده فلطمه، فأتت لطمته على فقء عينه التي في الصورة التي يتصور بها لا الصورة التي خلقه الله عليها، ولما كان المصرح عن نبينا في خبر بن عباس حيث قال((أمنى جبريل عند البيت مرتين)) فذكر الخبر وقال في آخره ((هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك)) كان في هذا الخبر البيان الواضح أن بعض شرائعنا قد تتفق ببعض شرائع من قبلنا من الأمم.
ولما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل داره بغير إذنه أو الناظر إلى بيته بغير أمره من غير جناح على فاعله ولا حرج على مرتكبه للأخبار الجمة الواردة فيه التي أمليناها في غير موضع من كتبنا كان جائزا اتفاق هذه الشريعة بشريعة موسى بإسقاط الحرج عمن فقأ عين الداخل داره بغير إذنه، فكان استعمال موسى هذا الفعل مباحا له ولا حرج عليه في فعله فلما رجع ملك الموت إلى ربه وأخبره بما كان من موسى فيه أمره ثانيا بأمر آخر أمر اختبار وابتلاء كما ذكرنا قبل إذ قال الله له: قل له: إن شئت فضع يدك على متن ثور فلك بكل ما غطت يدك بكل شعرة سنة، فلما علم موسى كليم الله صلى الله على نبينا وعليه أنه ملك الموت وأنه جاءه بالرسالة من عند الله طابت نفسه بالموت، ولم يستمهل وقال: فالآن.
فلو كانت المرة الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت لاستعمل ما استعمل في المرة الأخرى عند تيقنه وعلمه به.
(6222) صحيح ابن حبان (4/114)
موقف ملك الموت مع آدم عليهما السلام
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلَاء؟ِ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُك.َ فَرَأَى رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْأُمَمِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يُقَالُ لَهُ دَاوُد.ُ فَقَالَ: رَبِّ كَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ قَالَ: سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَلَمَّا قُضِيَ عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ: أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ سَنَة؟ قَالَ أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ)) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ)) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الترمذي 3002)
((عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ. فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ قَالَ اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ قَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمْرِهِ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي كَتَبْتُ لَهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ. قَالَ: ثُمَّ أُسْكِنَ الْجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ قَالَ: فَأَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجَّلْتَ قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكِ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ قَالَ فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ)) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ)) (الترمذي).
فجحد آدم أي ذلك لأنه كان في عالم الذر فلم يستحضره حالة مجيء ملك الموت له، فجحدت ذريته لأن الولد سر أبيه فنسى آدم فنسيت ذريته.
تحفة الأحوذي
موقفه مع داود عليه السلام
((حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الْقَارِيَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ دَاوُدُ النَّبِيُّ فِيهِ غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ وَكَانَ إِذَا خَرَجَ أُغْلِقَتْ الْأَبْوَابُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَغُلِّقَتْ الدَّارُ فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ تَطَّلِعُ إِلَى الدَّارِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ. فَقَالَتْ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ: مِنْ أَيْنَ دَخَلَ هَذَا الرَّجُلُ الدَّارَ وَالدَّارُ مُغْلَقَةٌ، وَاللَّهِ لَتُفْتَضَحُنَّ بِدَاوُدَ، فَجَاءَ دَاوُدُ فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنِّي شَيْءٌ. فَقَالَ دَاوُدُ: أَنْتَ وَاللَّهِ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَمَرْحَبًا بِأَمْرِ اللَّهِ، فَرَمَلَ دَاوُدُ مَكَانَهُ حَيْثُ قُبِضَتْ رُوحُهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ شَأْنِه،ِ وَطَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِلطَّيْر:ِ أَظِلِّي عَلَى دَاوُدَ فَأَظَلَّتْ عَلَيْهِ الطَّيْرُ حَتَّى أَظْلَمَتْ عَلَيْهِمَا الْأَرْضُ فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ: اقْبِضِي جَنَاحًا جَنَاحًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُرِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ فَعَلَتْ الطَّيْرُ وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ الْمَصْرَخِيَّةُ)) رواه أحمد، وهذا السند فيه انقطاع بين المطّلب وأبي هريرة وليس في الحديث من جهة المعنى ما يُنكر.
قصة ملك الموت مع رجل
((عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ أَلَا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَقِيلَ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ قَالَ مَا أَعْلَمُ قِيلَ لَهُ انْظُرْ قَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنْ الْمُعْسِرِ فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ)) .. (البخاري3194)
((ان رجلا ممن كان قبلكم اتاه ملك الموت ليقبض نفسه، فقال له: هل عملت من خير؟ قال: ما أعلم، قال له، انظر، قال: ما أعلم شيئا غير أنى كنت أبايع الناس وأجازيهم، فأُنظر المعسر، وأتجاوز عن الموسر، فأدخله الله الجنة)) صحيح الجامع (2079).
((حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّتْ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنْ الْمُوسِرِ. قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ)) (2917مسلم)
حكم سب ملك الموت أو شتمه
(مَا قَوْلُكُمْ دَامَ فَضْلُكُمْ فِيمَنْ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْتِ: قُطِعَ الْمَوْتُ وَأَصْحَابُهُ. فَهَلْ يَرْتَدُّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ؟ وَهَلْ كَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ لِمَنْ يُنَازِعُهُ: رَبُّنَا بَاعَنِي لَك أَوْ "هَيْبِيعْنِي" لَك أَوْ أَنْت "هَتَأْخُذْنِي" مِنْ وَرَاءِ رَبِّي أَوْ تَحَدَّثَ يَا رَبُّ أَنْت سَكَتَّ لِأَيِّ شَيْءٍ وَهَلْ تَرْتَدُّ النَّائِحَةُ إذَا قَالَتْ "هَدِّيتْنِي يَا مَوْتُ هَدَّتْهُ غَارَةٌ" أَوْ إذَا قَالَتْ جَزَّارُهُمْ طَيَّبَ سَكَاكِينَهُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى عَقْلِهِ وَلَا عَلَى دِينِهِ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُقْتَلُ مَنْ قَالَ قُطِعَ الْمَوْتُ وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ هُمْ الْمَلَائِكَةُ الْكِرَامُ، وَلَوْ تَابَ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَالَ رَبَّنَا بَاعَنِي أَوْ "هَيْبِيعْنِي" إلَخْ وَيُؤَوَّلُ الْحَدِيثُ بِالْإِغَاثَةِ, وَالتَّخْلِيصُ وَالسُّكُوتُ بِتَرْكِ ذَلِكَ وَقَوْلُهَا "هَدِّتْهُ غَارَةٌ" إنْ قَصَدَتْ بِالضَّمِيرِ الْمَوْتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى قُتِلَتْ مَا لَمْ تَتُبْ، وَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ مَلَكَ الْمَوْتِ قُتِلَتْ وَلَوْ تَابَتْ، وَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ شَيْئًا أُدِّبَتْ وَتُرِكَتْ وَتُقْتَلُ بِقَوْلِهَا لَمْ يَخَفْ عَلَى دِينِهِ وَلَوْ تَابَتْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. فتح العلي المالك
الاستعداد للقاء ملك الموت
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إذَا جَاءَ أَجَلُهَا قِيلَ يَقُولُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَخِّرْنِي يَوْمًا أَتُوبُ فِيهِ إلَى رَبِّي وَأَتَزَوَّدُ صَالِحًا, فَيَقُولُ: فَنِيَتْ الْأَيَّامُ, فَلَا يَوْمَ, وَيَقُولُ: فَأَخِّرْنِي سَاعَةً, فَيَقُولُ: فَنِيَتْ السَّاعَاتُ فَلَا سَاعَةَ, فَيُغْلَقُ عَلَيْهِ بَابُ التَّوْبَةِ, فَيُغَرْغِرُ بِرُوحِهِ.
موت ملك الموت
ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض .
هذه النفخة هي الثانية وهي نفخة الصعق وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله كما جاء مصرحا به مفسرا في حديث الصور المشهور: ((ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولا، وهو الباقي آخرا بالديمومة والبقاء، ويقول لمن الملك اليوم ثلاث مرات ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول لله الواحد))تفسير ابن كثير.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأخذ الله تبارك وتعالى سماواته وأرضيه بيده ويقول أنا الملك ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم)).
ورواه الامام الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث عبيد بن عمير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وقال صحيح.
ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعق فينفخ نفخة الصعق فيصعق أهل السموات والأرض إلا من شاء الله فإذا هم قد خمدوا وجاء ملك الموت إلى الجبار عز وجل فيقول: يارب قد مات أهل السموات والأرض إلا من شئت. فيقول الله وهو أعلم بمن بقى: فمن بقي؟ فيقول: يارب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت حملة العرش، وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا فيقول الله عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل فينطق الله العرش فيقول: يارب يموت جبريل وميكائيل فيقول: اسكت فإني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي فيموتان ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: يارب قد مات جبريل وميكائيل فيقول الله وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي فيقول بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقيت حملة عرشك وبقيت أنا فيقول الله لتمت حملة العرش فتموت ويأمر الله العرش، فيقبض الصور من إسرافيل ثم يأتي ملك الموت فيقول يارب قد مات حملة عرشك فيقول الله وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول يارب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقيت أنا فيقول الله أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت. ابن كثير.
فيقول الله عز وجل وهو أعلم فمن بقي فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقيت أنا فيقول الله عز وجل له أنت خلق من خلقي خلقتك لِما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلا الله تبارك وتعالى الواحد الأحد الصمد ليس بوالد ولا ولد كان آخرا كما كان أولا.
العظمة لأبي الشيخ
علي بن الحسين سأل كعب الأحبار عن قول الله عز وجل: فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله [الزمر:68]. قال الذين استثنى الله جبريل وميكائيل وحملة العرش وملك الموت قال فيأتي ملك الموت فيقبض أرواح هؤلاء حتى لا يبقى غيره ورب العزة جل وعز فيقول: يا ملك الموت: مت فيموت فذلك قوله: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن:26] وذلك قوله تعالى: كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88] كتاب العرش
عبرة
قال الربيع بن خيثم رحمه الله تعالى: عجبت لملك الموت ولثلاثة : لملك ممنع في حصونه يأتيه ملك الموت ينزع نفسه ويدع ملكه خلفه، ولمسكين منبوذ بالطريق يقذره الناس أن يدنوا منه ولا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه، ولطبيب نحرير يأتيه ملك الموت فنزع نفسه ويدع طبّه خلفه.
محمد بن صالح المنجد
ملخص المادة العلمية
1- اسم ملك الموت 2- حديث البراء في عمل ملك الموت في قبض روح المؤمن والكافر 3- لا يستعصي على ملَك الموت أحد مهما نأت الديار وكثر الموت 4- كلام ملك الموت مع المحتضرين مسلمين وكفاراً وعصاة 5- مواقف لملك الموت مع الأنبياء 6- حديث لَطم موسى لملك الموت ودفع إشكاله 7- الاستعداد للقاء ملك الموت 8- موت ملك الموت
قوله: (ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين) الطحاوية
شرح طحاوية
ومن ساداتهم - ملك الموت - عليه السلام ولم يجيء مصرحا بإسمه في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة، وقد جاء في بعض الآثار تسميته بعزرائيل، فالله أعلم قاله الحافظ ابن كثير،وفي أصول الإيمان محمد بن عبد الوهاب (101).
عمل ملك الموت عند القبض
((حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَه،ُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْض،ِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَر،ِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ..
قَالَ: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوه،ِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ. قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ)).رواه أبو داود وأحمد وهو حديث صحيح.
تسليم ملك الموت على المؤمن عند قبض روحه
عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه
((ليس من مؤمن يقبض روحه إلا سلم عليه)) هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون [الأنعام آية:61].
حتى إذا انتهت مدة أحدهم كائنا من كان وجاءه اسباب الموت ومباديه توفته رسلنا الآخرون المفوض إليهم ذلك وهم ملك الموت وأعوانه وانتهى هناك حفظ الحفظة. تفسير أبي السعودْ
أمر الله لملك الموت بقبض الأرواح المعينة.
عن عكرمة رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: وهو الذي يتوفكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار . قال يتوفى الأنفس عند موتها، قال: وما من ليلة إلا والله عز وجل يقبض الأرواح كلها فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار ثم يدعو بملك الموت عليه السلام فيقول اقبض هذا وهذا وما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الناس قائل يقول ثلاثا وقائل يقول خمسا.
لا يستعصي على ملك الموت أحد
حدثنا محمد بن العباس بن أيوب حدثنا زياد بن يحيى حدثنا عبد ربه بن بارق الحنفي قال حدثني خالي زميل بن سماك الحنفي أنه سمع أباه يحدث ولقي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في المدينة بعدما كف بصره قال: قلت: هيه يا ابن عباس ما تقول في أمر غمني واهتممت به؟ قال: قلت: نفسان اتفق موتهما في طرفة عين، واحد في المشرق، وواحد في المغرب كيف قدر عليهما ملك الموت قال: والذي نفسي بيده ما قدرة ملك الموت على أهل المشارق والمغارب والظلمات والنور والبحور إلا كقدرة الرجل على مائدته يتناول من أيها شاء.
حدثنا محمد بن شعيب حدثنا أحمد بن أبي سريج حدثنا عبد الله بن الجهم حدثنا عمرو بن أبي القيس عن بشير بن عاصم عن ابن أبي ليلى عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد رحمه الله تعالى في قوله تعالى: قل يتوفكم ملك الموت الذي وكّل بكم قال: حويت له الأرض فجعلت له مثل الطست يتناول منها حيث شاء .
حدثنا أبو يحيى الرازي حدثنا هناد حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد رحمه الله تعالى قال جعلت الأرض لملك الموت عليه السلام برها وبحرها وجبلها وسهلها كالطست يأخذ منها حيث يشاء.
إذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ووقع الوباء بأرض والتقى الزحفان كيف تصنع
كيف الأمر إذا حدث زلزال أودى بمئات الآلاف من البشر دفعة واحدة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب. قول الله تعالى: الله يتوفى الأنفس فإنه سبحانه يتوفاها برسله كما قال: توفته رسلنا يتوفاكم ملك الموت فإنه يتوفاها برسله الذين مقدمهم ملك الموت.
الجمع بين علو الرب وقربه: فتاوى ابن تيمية (ص 5/235).
قربه من الميت
وقوله: فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون . فالمراد به قربه إليه بالملائكة، وهذا هو المعروف عن المفسرين المتقدمين من السلف. قالوا: ملك الموت أدنى إليه من أهله، ولكن لا تبصرون الملائكة. شرح حديث النزول ابن تيمية.
وأما قوله تعالى: ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فالمراد به قرب أعوان ملك الموت من المحتضر بدليل سياق الآية وهو قوله تعالى: فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون . (الواقعة 83 84)
ونحن أي ملائكتنا وعبر بهم عنه سبحانه لأنهم رسله ومأموروه
أقاويل الثقات للكرمي (101 – 299).
معنى النازعات غرقا
وأما النازعات غرقا فهى الملائكة القابضة للأرواح، وهذا يتضمن الجزاء وهو من أعظم المقسم عليه قال تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون . وقال تعالى: توفته رسلنا وهم لا يفرطون . أقسام القرآن ابن تيمية.
ملك الموت وأعوانه.
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ .
ويرسل عليكم حفظة: أي من الملائكة يحفظون بدن الإنسان كقوله له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وحفظة يحفظون عمله ويحصونه كقوله وإن عليكم لحافظين الآية وكقوله عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وقوله إذ يتلقى المتلقيان الآية، وقوله حتى إذا جاء أحدكم الموت أي احتضر وحان أجله توفته رسلنا أي ملائكة موكلون بذلك قال ابن عباس وغير واحد: لملك الموت أعوان من الملائكة يخرجون الروح من الجسد فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم.تفسير ابن كثير.
وقد سمي في بعض الآثار بعزائيل، وهو المشهور قاله قتادة وغير واحد.
وله أعوان، وهكذا ورد في الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت.
عن الربيع رحمه الله تعالى قال سألته عن ملك الموت هل هو وحده الذي يقبض الأرواح قال: هو الذي يلي أمر الأرواح وله أعوان على ذلك. ألا تسمع قال الله عز وجل حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قال توفته رسلنا وهم لا يفرطون غير أن ملك الموت عليه السلام هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب.
سفينْ عن منصور عن إبراهيم قال أعوان ملك الموت ثم يقبضها ملك الموت منهم بعد. تفسير الثوري.
استعراض ملك الموت للخلق
وقد نقل ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره أن ملك الموت يتصفّح الخلق واحدا واحدا كل يوم، ويتصفّح أهل كل بيت، وأنه أعلم بهم كبيرهم وصغيرهم من أنفسهم، ينظر متى يُؤمر بقبض كل نفس ليقبضها.
الكلام مع الأموات عند نزع الروح
مع الكفار
[الأعراف آية:36-37].
وقوله تعالى: حتى إذا جاءتهم رسلنا أي ملك الموت وأعوانه يتوفونهم أي حال كونهم متوفين لأرواحهم قالوا لهم أينما كنتم تدعون من دون الله أي أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا.
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الأنفال].
يقول تعالى مامعناه: ولو عاينت يامحمد حال توفي الملائكة أرواح الكفار لرأيت أمرا عظيما هائلا فظيعا منكرا إذ يضربون وجوههم وأدبارهم ويقولون لهم ذوقوا عذاب الحريق بل قال تعالى: ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ، وفي سورة القتال مثلها، وتقدم في سورة الأنعام قوله تعالى: ولو ترى إذ المجرمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم . أي باسطوا أيديهم بالضرب فيهم بأمر ربهم، إذ استصعبت أنفسهم وامتنعت من الخروج من الأجساد أن تخرج قهرا وذلك إذا بشروهم بالعذاب والغضب من الله كما في حديث البراء: ((أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصورة المنكرة يقول: اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم وظل من يحموم، فتفرق في بدنه فيستخرجونها من جسده كما يخرج السفود من الصوف المبلول، فتخرج معها العروق والعصب، ولهذا أخبر تعالى أن الملائكة تقول لهم ذوقوا عذاب الحريق)). (ابن كثير)
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل].
كلامهم مع العصاة
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء]
كلامهم مع المؤمنين
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . [النحل:33-34].
وفائدته الإيذان بأن ملاك الأمر في التقوى هو الطهارة عما ذكر إلى وقت توفيهم، ففيه حث للمؤمنين على الاستمرار على ذلك ولغيرهم على تحصيله. وقيل: فرحين طيبي النفوس ببشارة الملائكة إياهم بالجنة أو طيبين بقبض أرواحهم لتوجه نفسهم بالكلية إلى جناب القدس يقولون: حال من الملائكة أي قائلين لهم: سلام عليكم. قال القرظي رحمه الله إذا استدعيت نفس المؤمن جاءه ملك الموت عليه السلام فقال: السلام عليك يا ولي الله، الله تعالى يقرأ عليك السلام وبشره بالجنة.تفسير أبي السعود.
قصص لملك الموت مع الأنبياء
موقف ملك الموت مع موسى عليهما السلام
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْر،ٍ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَة.ٌ قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ)) (البخاري 1253)
((أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ. قَالَ: فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا، قَالَ: فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي. قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ، فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَة.ً قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ. قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ رَبِّ أَمِتْنِي مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَر))ِ مسلم.
((حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يُونُسُ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ عِيَانًا قَالَ فَأَتَى مُوسَى فَلَطَمَهُ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَأَتَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوسَى فَقَأَ عَيْنِي، وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَعَنُفْتُ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ: لَشَقَقْتُ عَلَيْه.ِ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ: فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى جِلْدِ أَوْ مَسْكِ ثَوْر،ٍ فَلَهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ وَارَتْ يَدُهُ سَنَةٌ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: مَا بَعْدَ هَذَا؟ قَالَ: الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. قَالَ: فَشَمَّهُ شَمَّةً فَقَبَضَ رُوحَهُ. قَالَ يُونُسُ فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَيْنَهُ وَكَانَ يَأْتِي النَّاسَ خُفْيَةً)) رواه أحمد.
((قد كان ملك الموت يأتي الناس عيانا قال فأتى موسى فلطمه)) الحديث، أخرجه أحمد2/533
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
السنة لعبد الله بن الإمام أحمد
قوله: (أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلما جاءه صكه) أي ضربه على عينه, وفي رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد ومسلم: ((جاء ملك الموت إلى موسى فقال: أجب ربك, فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها)) وفي رواية عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة عند أحمد والطبري: ((كان ملك الموت يأتي الناس عيانا, فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه)). قوله: (لا يريد الموت) زاد همام: ((وقد فقأ عيني, فرد الله عليه عينه)) وفي رواية عمار: ((فقال يا رب عبدك موسى فقأ عيني , ولولا كرامته عليك لشققت عليه)). قوله: ((فقل له يضع يده)) في رواية أبي يونس: ((فقل له الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك)). قوله: (على متن) هو الظهر وفي رواية عمار على جلد ثور.
قوله: (ثم الموت) في رواية أبي يونس: ((قال: فالآن يا رب من قريب)) وفي رواية عمار: ((فأتاه فقال له ما بعد هذا؟ قال: الموت قال: فالآن))
قوله: ((فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر)) وقوله: فيه "رمية بحجر" أي أدنني إليها حتى يكون بيني وبينها هذا القدر.
قال ابن خزيمة: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث
والجواب أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ, وإنما بعثه إليه اختبارا، وإنما لطم موسى ملك الموت، لأنه رأى آدميا دخل داره بغير إذنه، ولم يعلم أنه ملك الموت, وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن, وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء, ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول, ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه.
أن موسى دفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة, وأن الله رد عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله فلهذا استسلم حينئذ. وقال النووي: لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحانا للملطوم. وقال غيره إنما لطمه لأنه جاء لقبض روحه من قبل أن يخيره, لما ثبت أنه لم يقبض نبي حتى يخير, فلهذا لما خيره في المرة الثانية أذعن, قيل: وهذا أولي الأقوال بالصواب.
ومعنى رد الله عينه أي أعاده إلى خلقته الحقيقية, وقيل على ظاهره, ورد الله إلى ملك الموت عينه البشرية ليرجع إلى موسى على كمال الصورة فيكون ذلك أقوى في اعتباره, وهذا هو المعتمد. وجوز ابن عقيل أن يكون موسى أذن له أن يفعل ذلك بملك الموت وأمر ملك الموت بالصبر على ذلك كما أمر موسى بالصبر على ما يصنع الخضر.
والجواب عن قصة موسى أن أجله قد كان قرب حضوره ولم يبق منه إلا مقدار ما دار بينه وبين ملك الموت من المراجعتين, فأمر بقبض روحه أولا مع سبق علم الله أن ذلك لا يقع إلا بعد المراجعة وإن لم يطلع ملك الموت على ذلك أولا. والله أعلم.
وأجاب العلماء عن هذا بأجوبة:
أحدها أنه لا يمتنع أن يكون موسى صلى الله عليه وسلم قد أذن الله تعالى له في هذه اللطمة, ويكون ذلك امتحانا للملطوم, والله سبحانه وتعالى يفعل في خلقه ما شاء, ويمتحنهم بما أراد.
والثاني: أن موسى صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه ملك من عند الله, وظن أنه رجل قصده يريد نفسه, فدافعه عنها, فأدت المدافعة إلى فقء عينه, لا أنه قصدها بالفقء, وتؤيده رواية: (صكه), وهذا جواب الإمام أبي بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين, واختاره المازري والقاضي عياض, قالوا: وليس في الحديث تصريح بأنه تعمد فقء عينه, فإن قيل: فقد اعترف موسى حين جاءه ثانيا بأنه ملك الموت, فالجواب أنه أتاه في المرة الثانية بعلامة علم بها أنه ملك الموت, فاستسلم بخلاف المرة الأولى. والله أعلم.
قال أبو حاتم إن الله جل وعلا بعث رسول الله معلما لخلقه، فأنزله موضع الإبانة عن مراده فبلغ رسالته وبين عن آياته بألفاظ مجملة ومفسرة عقلها عنه أصحابه أو بعضهم وهذا الخبر من الأخبار التي يدرك معناه من لم يحرم التوفيق لإصابة الحق، وذاك أن الله جل وعلا أرسل ملك الموت إلى موسى رسالة ابتلاء واختبار، وأمره أن يقول له: أجب ربك أمر اختبار وابتلاء لا أمرا يريد الله جل وعلا إمضاءه كما أمر خليله- صلى الله على نبينا وعليه- بذبح ابنه أمر اختبار وابتلاء دون الأمر الذي أراد الله جل وعلا إمضاءه، فلما عزم على ذبح ابنه وتله للجبين فداه بالذبح العظيم.
وقد بعث الله جل وعلا الملائكة إلى رسله في صور لا يعرفونها كدخول الملائكة على رسوله إبراهيم ولم يعرفهم.
حتى أوجس منهم خيفة وكمجيء جبريل إلى رسول الله وسؤاله إياه عن الإيمان والإسلام فلم يعرفه المصطفى حتى ولى فكان مجيء ملك الموت إلى موسى على غير الصورة التي كان يعرفه موسى عليه السلام عليها وكان موسى غيورا، فرأى في داره رجلا لم يعرفه فشال يده فلطمه، فأتت لطمته على فقء عينه التي في الصورة التي يتصور بها لا الصورة التي خلقه الله عليها، ولما كان المصرح عن نبينا في خبر بن عباس حيث قال((أمنى جبريل عند البيت مرتين)) فذكر الخبر وقال في آخره ((هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك)) كان في هذا الخبر البيان الواضح أن بعض شرائعنا قد تتفق ببعض شرائع من قبلنا من الأمم.
ولما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل داره بغير إذنه أو الناظر إلى بيته بغير أمره من غير جناح على فاعله ولا حرج على مرتكبه للأخبار الجمة الواردة فيه التي أمليناها في غير موضع من كتبنا كان جائزا اتفاق هذه الشريعة بشريعة موسى بإسقاط الحرج عمن فقأ عين الداخل داره بغير إذنه، فكان استعمال موسى هذا الفعل مباحا له ولا حرج عليه في فعله فلما رجع ملك الموت إلى ربه وأخبره بما كان من موسى فيه أمره ثانيا بأمر آخر أمر اختبار وابتلاء كما ذكرنا قبل إذ قال الله له: قل له: إن شئت فضع يدك على متن ثور فلك بكل ما غطت يدك بكل شعرة سنة، فلما علم موسى كليم الله صلى الله على نبينا وعليه أنه ملك الموت وأنه جاءه بالرسالة من عند الله طابت نفسه بالموت، ولم يستمهل وقال: فالآن.
فلو كانت المرة الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت لاستعمل ما استعمل في المرة الأخرى عند تيقنه وعلمه به.
(6222) صحيح ابن حبان (4/114)
موقف ملك الموت مع آدم عليهما السلام
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلَاء؟ِ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُك.َ فَرَأَى رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْأُمَمِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يُقَالُ لَهُ دَاوُد.ُ فَقَالَ: رَبِّ كَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ قَالَ: سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَلَمَّا قُضِيَ عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ: أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ سَنَة؟ قَالَ أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ)) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ)) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الترمذي 3002)
((عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ. فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ قَالَ اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ قَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمْرِهِ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي كَتَبْتُ لَهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ. قَالَ: ثُمَّ أُسْكِنَ الْجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ قَالَ: فَأَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجَّلْتَ قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكِ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ قَالَ فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ)) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ)) (الترمذي).
فجحد آدم أي ذلك لأنه كان في عالم الذر فلم يستحضره حالة مجيء ملك الموت له، فجحدت ذريته لأن الولد سر أبيه فنسى آدم فنسيت ذريته.
تحفة الأحوذي
موقفه مع داود عليه السلام
((حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الْقَارِيَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ دَاوُدُ النَّبِيُّ فِيهِ غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ وَكَانَ إِذَا خَرَجَ أُغْلِقَتْ الْأَبْوَابُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَغُلِّقَتْ الدَّارُ فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ تَطَّلِعُ إِلَى الدَّارِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ. فَقَالَتْ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ: مِنْ أَيْنَ دَخَلَ هَذَا الرَّجُلُ الدَّارَ وَالدَّارُ مُغْلَقَةٌ، وَاللَّهِ لَتُفْتَضَحُنَّ بِدَاوُدَ، فَجَاءَ دَاوُدُ فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنِّي شَيْءٌ. فَقَالَ دَاوُدُ: أَنْتَ وَاللَّهِ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَمَرْحَبًا بِأَمْرِ اللَّهِ، فَرَمَلَ دَاوُدُ مَكَانَهُ حَيْثُ قُبِضَتْ رُوحُهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ شَأْنِه،ِ وَطَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِلطَّيْر:ِ أَظِلِّي عَلَى دَاوُدَ فَأَظَلَّتْ عَلَيْهِ الطَّيْرُ حَتَّى أَظْلَمَتْ عَلَيْهِمَا الْأَرْضُ فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ: اقْبِضِي جَنَاحًا جَنَاحًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُرِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ فَعَلَتْ الطَّيْرُ وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ الْمَصْرَخِيَّةُ)) رواه أحمد، وهذا السند فيه انقطاع بين المطّلب وأبي هريرة وليس في الحديث من جهة المعنى ما يُنكر.
قصة ملك الموت مع رجل
((عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ أَلَا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَقِيلَ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ قَالَ مَا أَعْلَمُ قِيلَ لَهُ انْظُرْ قَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنْ الْمُعْسِرِ فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ)) .. (البخاري3194)
((ان رجلا ممن كان قبلكم اتاه ملك الموت ليقبض نفسه، فقال له: هل عملت من خير؟ قال: ما أعلم، قال له، انظر، قال: ما أعلم شيئا غير أنى كنت أبايع الناس وأجازيهم، فأُنظر المعسر، وأتجاوز عن الموسر، فأدخله الله الجنة)) صحيح الجامع (2079).
((حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّتْ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنْ الْمُوسِرِ. قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ)) (2917مسلم)
حكم سب ملك الموت أو شتمه
(مَا قَوْلُكُمْ دَامَ فَضْلُكُمْ فِيمَنْ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْتِ: قُطِعَ الْمَوْتُ وَأَصْحَابُهُ. فَهَلْ يَرْتَدُّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ؟ وَهَلْ كَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ لِمَنْ يُنَازِعُهُ: رَبُّنَا بَاعَنِي لَك أَوْ "هَيْبِيعْنِي" لَك أَوْ أَنْت "هَتَأْخُذْنِي" مِنْ وَرَاءِ رَبِّي أَوْ تَحَدَّثَ يَا رَبُّ أَنْت سَكَتَّ لِأَيِّ شَيْءٍ وَهَلْ تَرْتَدُّ النَّائِحَةُ إذَا قَالَتْ "هَدِّيتْنِي يَا مَوْتُ هَدَّتْهُ غَارَةٌ" أَوْ إذَا قَالَتْ جَزَّارُهُمْ طَيَّبَ سَكَاكِينَهُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى عَقْلِهِ وَلَا عَلَى دِينِهِ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُقْتَلُ مَنْ قَالَ قُطِعَ الْمَوْتُ وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ هُمْ الْمَلَائِكَةُ الْكِرَامُ، وَلَوْ تَابَ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَالَ رَبَّنَا بَاعَنِي أَوْ "هَيْبِيعْنِي" إلَخْ وَيُؤَوَّلُ الْحَدِيثُ بِالْإِغَاثَةِ, وَالتَّخْلِيصُ وَالسُّكُوتُ بِتَرْكِ ذَلِكَ وَقَوْلُهَا "هَدِّتْهُ غَارَةٌ" إنْ قَصَدَتْ بِالضَّمِيرِ الْمَوْتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى قُتِلَتْ مَا لَمْ تَتُبْ، وَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ مَلَكَ الْمَوْتِ قُتِلَتْ وَلَوْ تَابَتْ، وَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ شَيْئًا أُدِّبَتْ وَتُرِكَتْ وَتُقْتَلُ بِقَوْلِهَا لَمْ يَخَفْ عَلَى دِينِهِ وَلَوْ تَابَتْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. فتح العلي المالك
الاستعداد للقاء ملك الموت
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إذَا جَاءَ أَجَلُهَا قِيلَ يَقُولُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَخِّرْنِي يَوْمًا أَتُوبُ فِيهِ إلَى رَبِّي وَأَتَزَوَّدُ صَالِحًا, فَيَقُولُ: فَنِيَتْ الْأَيَّامُ, فَلَا يَوْمَ, وَيَقُولُ: فَأَخِّرْنِي سَاعَةً, فَيَقُولُ: فَنِيَتْ السَّاعَاتُ فَلَا سَاعَةَ, فَيُغْلَقُ عَلَيْهِ بَابُ التَّوْبَةِ, فَيُغَرْغِرُ بِرُوحِهِ.
موت ملك الموت
ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض .
هذه النفخة هي الثانية وهي نفخة الصعق وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله كما جاء مصرحا به مفسرا في حديث الصور المشهور: ((ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولا، وهو الباقي آخرا بالديمومة والبقاء، ويقول لمن الملك اليوم ثلاث مرات ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول لله الواحد))تفسير ابن كثير.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأخذ الله تبارك وتعالى سماواته وأرضيه بيده ويقول أنا الملك ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم)).
ورواه الامام الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث عبيد بن عمير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وقال صحيح.
ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعق فينفخ نفخة الصعق فيصعق أهل السموات والأرض إلا من شاء الله فإذا هم قد خمدوا وجاء ملك الموت إلى الجبار عز وجل فيقول: يارب قد مات أهل السموات والأرض إلا من شئت. فيقول الله وهو أعلم بمن بقى: فمن بقي؟ فيقول: يارب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت حملة العرش، وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا فيقول الله عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل فينطق الله العرش فيقول: يارب يموت جبريل وميكائيل فيقول: اسكت فإني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي فيموتان ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: يارب قد مات جبريل وميكائيل فيقول الله وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي فيقول بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقيت حملة عرشك وبقيت أنا فيقول الله لتمت حملة العرش فتموت ويأمر الله العرش، فيقبض الصور من إسرافيل ثم يأتي ملك الموت فيقول يارب قد مات حملة عرشك فيقول الله وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول يارب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقيت أنا فيقول الله أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت. ابن كثير.
فيقول الله عز وجل وهو أعلم فمن بقي فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقيت أنا فيقول الله عز وجل له أنت خلق من خلقي خلقتك لِما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلا الله تبارك وتعالى الواحد الأحد الصمد ليس بوالد ولا ولد كان آخرا كما كان أولا.
العظمة لأبي الشيخ
علي بن الحسين سأل كعب الأحبار عن قول الله عز وجل: فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله [الزمر:68]. قال الذين استثنى الله جبريل وميكائيل وحملة العرش وملك الموت قال فيأتي ملك الموت فيقبض أرواح هؤلاء حتى لا يبقى غيره ورب العزة جل وعز فيقول: يا ملك الموت: مت فيموت فذلك قوله: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن:26] وذلك قوله تعالى: كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88] كتاب العرش
عبرة
قال الربيع بن خيثم رحمه الله تعالى: عجبت لملك الموت ولثلاثة : لملك ممنع في حصونه يأتيه ملك الموت ينزع نفسه ويدع ملكه خلفه، ولمسكين منبوذ بالطريق يقذره الناس أن يدنوا منه ولا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه، ولطبيب نحرير يأتيه ملك الموت فنزع نفسه ويدع طبّه خلفه.