كونان العتيبي
09-05-2006, 08:11 AM
هل يجوز مناداة المسلم بما هو فية أصلا؟
مثل: يا أعرج (وهو ذو عرجة أصلا)
أو يا أعور
يا أحول
ياقصير
يا طويل؟
الاجابة
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد :
فإنَّ الأصل في إطلاق الوصف بالعيب للآخرين : الاستصغار والسخرية والتحقير ، والأصل الشرعي في ذلك المنع ؛ لأدلة منها قول الله _عز وجل_ : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " ، فاللمز هو العيب ، سواء كان ذلك بالصفة الخَلْقية ، مثل أن يقول لشخص : يا أعرج يا قصير ، وغيرها ؛ أو الخُلقية ، مثل أن يقول لشخص : يا فاسق ، يا كذَّاب ، ونحوها . والتنابز بالألقاب : التنادي بها . وسواء صدر ذلك من ذكر أو أنثى .
واستثنى العلماء _رحمهم الله_ الوصف بالعيب بقصد التعريف بالشخص إذا لزم ذلك ، ونصّ بعضهم على تعليله بالضرورة ، إذا كان الشخص معروفًا بلقب فيه وصف له بعيب ، مثل : الأعرج والأعمش ، فلا يرون بأساً في الوصف بذلك ونحوه إذا كان القصد هو التعريف ، إذ صار هذا الوصف مما يميزه عن غيره من جملة أوصافه ، ومن ذلك ما يذكره علماء الجرح والتعديل في تعريفهم لبعض رواة الحديث ، وهكذا من يُحتاج في تعريفه إلى ذكر وصفه بشيء من ذلك ، وسيما إذا كان الموصوف لا يكره لعلمه بأنه صار وصف تعريف لا وصف تعيير .
والحال التي ذكرتم ، داخلة في التنابز بالألقاب المنهي عنه بنص الآية الكريمة ، فهي مناداة الشخص باللقب الذي فيه عيبه . وهنا لا وجه لقصد التعريف ، ومن ثمَّ فلا يدخل في الحال التي استثناها العلماء ؛ لأنك تنادي الشخص نفسه ، ولا تُعرفه عند من يحتاج إلى معرفته ، ثم إنَّه صورة من صور الإيذاء للمنادَى ، وإن لم يُبد كرهه له ، قال الله _عز وجل_ : "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً "(الأحزاب58) ، وقد ذكر بعض العلماء أنَّ في اللمز بالعيب الخَلقي ينافي كمال الأدب مع الخالق _سبحانه_ .
ثم إنَّ هذا العمل ، مما يؤدي إلى النفرة ، والعداوة والبغضاء بين المسلمين ، وهذا مما تأباه الإسلام ، وتأمَّل قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " المسلم أخو المسلم ... بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه " رواه مسلم .
والخلاصة : أن المناداة بالعيب الخَلقي لا تجوز ، ولو ارتضاها المنادَى في الظاهر .
هذا والله _تعالى _أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
اجاب عليه فضيلة الشيخ د. سعد مطرالعتيبي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
مثل: يا أعرج (وهو ذو عرجة أصلا)
أو يا أعور
يا أحول
ياقصير
يا طويل؟
الاجابة
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد :
فإنَّ الأصل في إطلاق الوصف بالعيب للآخرين : الاستصغار والسخرية والتحقير ، والأصل الشرعي في ذلك المنع ؛ لأدلة منها قول الله _عز وجل_ : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " ، فاللمز هو العيب ، سواء كان ذلك بالصفة الخَلْقية ، مثل أن يقول لشخص : يا أعرج يا قصير ، وغيرها ؛ أو الخُلقية ، مثل أن يقول لشخص : يا فاسق ، يا كذَّاب ، ونحوها . والتنابز بالألقاب : التنادي بها . وسواء صدر ذلك من ذكر أو أنثى .
واستثنى العلماء _رحمهم الله_ الوصف بالعيب بقصد التعريف بالشخص إذا لزم ذلك ، ونصّ بعضهم على تعليله بالضرورة ، إذا كان الشخص معروفًا بلقب فيه وصف له بعيب ، مثل : الأعرج والأعمش ، فلا يرون بأساً في الوصف بذلك ونحوه إذا كان القصد هو التعريف ، إذ صار هذا الوصف مما يميزه عن غيره من جملة أوصافه ، ومن ذلك ما يذكره علماء الجرح والتعديل في تعريفهم لبعض رواة الحديث ، وهكذا من يُحتاج في تعريفه إلى ذكر وصفه بشيء من ذلك ، وسيما إذا كان الموصوف لا يكره لعلمه بأنه صار وصف تعريف لا وصف تعيير .
والحال التي ذكرتم ، داخلة في التنابز بالألقاب المنهي عنه بنص الآية الكريمة ، فهي مناداة الشخص باللقب الذي فيه عيبه . وهنا لا وجه لقصد التعريف ، ومن ثمَّ فلا يدخل في الحال التي استثناها العلماء ؛ لأنك تنادي الشخص نفسه ، ولا تُعرفه عند من يحتاج إلى معرفته ، ثم إنَّه صورة من صور الإيذاء للمنادَى ، وإن لم يُبد كرهه له ، قال الله _عز وجل_ : "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً "(الأحزاب58) ، وقد ذكر بعض العلماء أنَّ في اللمز بالعيب الخَلقي ينافي كمال الأدب مع الخالق _سبحانه_ .
ثم إنَّ هذا العمل ، مما يؤدي إلى النفرة ، والعداوة والبغضاء بين المسلمين ، وهذا مما تأباه الإسلام ، وتأمَّل قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " المسلم أخو المسلم ... بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه " رواه مسلم .
والخلاصة : أن المناداة بالعيب الخَلقي لا تجوز ، ولو ارتضاها المنادَى في الظاهر .
هذا والله _تعالى _أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
اجاب عليه فضيلة الشيخ د. سعد مطرالعتيبي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء