بـــنــت روق
03-27-2004, 11:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/images/topic_03.gif
الشيخ ياسين.. القعيد الذي أقام العالم
حين تراه ثم تسمع عن إنجازاته تدرك تمامًا قول الله تعالى في الحديث القدسي: "فإذا أحببته كنتُ: سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها" [رواه البخاري].
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/articles/images/pic0a.jpg
قسوة الحياة مبتدؤه
هذا هو الشيخ أحمد إسماعيل ياسين الذي ولد في جورة عسقلان قضاء المجدل عام 1938م، ليعيش بعدها فترة من شظف العيش وقسوته؛ فقد مات والده وهو ابن خمس سنين، واضطر إلى اللجوء إلى قطاع غزة عقب هزيمة عام 1948م وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، واقتات هو وأهله ما كان يتبقى من معسكرات الجيش المصري هناك، ثم كانت ثالثة الأثافي في عام 1952م حين تعرض لحادثة وهو ابن الرابعة عشرة أثناء ممارسته الرياضة مع بعض أقرانه؛ حيث أصيب بكسر في فقرات العنق، نتج عنه شلل جميع أطرافه شللا تامًّا؛ ليعرف حينها أنه سيبقى رهين الكرسي طيلة حياته.
إرادة الفعل منتصفه
كان ما أصاب الشيخ ياسين وهو في سنه الصغيرة تلك كفيلا بأن يقضي على حياة أي إنسانٍ؛ ليموت وهو ما زال حيًّا، لكن الشيخ لم يكن من ذلك النوع المستسلم اليائس؛ إذ سرعان ما أكمل تعليمه الثانوي في العام الدراسي 57/1958م، ثم نجح في الحصول على فرصة عمل رغم الاعتراض على حالته الصحية؛ فعمل مدرسًا للغة العربية والتربية الإسلامية، ثم خطيبًا في مساجد غزة، وأصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته وجسارته في الحق، وانتمى إلى الإخوان المسلمين فكرًا وتنظيمًا.
وبعد هزيمة 1967م استمر الشيخ أحمد ياسين رغم الاحتلال في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباسي الذي كان يخطب فيه، ونشط كذلك في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم أسس المجمع الإسلامي في غزة عام 1973م، وبقي رئيسًا له حتى عام 1984م.
وفي عام 1983 اعتقل الشيخ أحمد ياسين بتهمة حيازة أسلحة، وتشكيل تنظيم عسكري، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود، وقد حوكم الشيخ أمام محكمة عسكرية صهيونية أصدرت عليه حكمًا بالسجن لمدة 13 عامًا، ثم ما لبث أن أفرج عنه عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، بعد أن أمضى 11 شهرًا في السجن.
ثم أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من النشطاء الإسلاميين الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين تنظيمًا لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة عام 1987م، وكان هدف هذا التنظيم مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بغية تحرير فلسطين.. كل فلسطين، وكان له دورٌ مهمٌّ في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في ديسمبر من العام نفسه، والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد، ومنذ ذلك الوقت والشيخ ياسين يُعتبر الزعيم الروحي لتلك الحركة.
ومع تصاعد حملات المقاومة الفلسطينية ازدادت ملاحقة إسرائيل للشيخ ياسين؛ فقاموا في عام 1988م بتفتيش بيته، وهددته بدفعه بكرسيه المتحرك عبر الحدود، ونفيه إلى لبنان، ثم قامت في 1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حماس، وفي 1991م أصدرت المحكمة الإسرائيلية عليه حكمًا بالسجن مدى الحياة مضافًا إليه 15 عامًا، ولبث في السجن بضع سنين حتى تم الإفراج عنه عام 1997م بموجب اتفاق جرى التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل للإفراج عن الشيخ مقابل تسليم عميلين صهيونيين اعتقلا في الأردن عقب محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي في حركة حماس.
وقد استمرت محاولات إسرائيل لاغتيال الشيخ التي كان آخرها في 2003م حين استهدفت مروحيات إسرائيلية شقةً في غزة كان يوجد بها الشيخ، وكان يرافقه الأستاذ إسماعيل هنية، أصيب الشيخ على إثرها بجروح طفيفة في ذراعه اليمنى.
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/articles/images/pic_11a.jpg
الحوار منهجه
كان الشيخ دائمًا من المنادين بالوحدة الوطنية، وقد تبنى طوال حياته مواقف مرنة تجاه السلطة الفلسطينية، وقد حظي مرارًا باحترام رئيس السلطة الفلسطينية وكبار القادة، وعمل على تحسين العلاقات مع السلطة.
كما عُرف عن الشيخ ياسين استعداده للحوار مع الجميع، وقد صرح مرة قائلا: "نحن في حركة المقاومة الإسلامية حماس لم نغلق الباب أمام الحوار مع أي دولة في العالم ولا الولايات المتحدة الأمريكية، بل هي مفتوحة للجميع".
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/articles/images/pic_11b.jpg
الإيمان كلماته
- "السر يكمن في الإرادة، وإيمان الإنسان بالمبدأ الذي يسير عليه؛ فالدنيوي يقول: لو أن الدنيا ذهبت منه فقد خسر كلَّ شيء، لكن الإنسان المؤمن الذي يؤمن أنه ذاهب إلى جنة عرضها السماوات والأرض يريد أن ينتقل من دنيا فانية إلى الراحة والطمأنينة والاستقرار عند رب العالمين؛ فهو ينتظر هذا اليوم، ويستبسل ويقاتل من أجل الفوز في هذا اليوم، ويثبت في الميدان حتى آخر رمق في حياته".
- "إن من مظاهر وعلامات السلامة أن تشعر الأمة بقلق إزاء قضية فلسطين، قضية الأمة، ولكن المقاومة مستمرة، وفي كل يوم هناك عمليات وشهداء وتضحيات، أما قضية السور فهي هامشية".
- "أؤكد لكم أن الله غالب على أمره، وأن ثقتنا في الله أولا، ثم في شعوب أمتنا المسلمة، الشعوب المؤمنة كبيرة وعالية، وأننا بفضل الله ثم بدعائكم ودعمكم سننتصر، وسيجعل الله لنا ولكم بعد عسر يسرًا".
- "هؤلاء المهرولون الذين انتصروا لمعصية الله لا يصلحون أن يدافعوا عن قضايا الأمة، وأن يقفوا في وجه الأعداء، وسيلفظهم التاريخ كما لفظ من قبلهم، والأيام دول، وصدق الله العظيم القائل: {وتلك الأيام نداولها بين الناس}، وصدق الله العظيم القائل: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}؛ فهؤلاء مفسدون لا بقاء لهم في سجل الخالدين لا أحياء ولا أموات".
- "أؤكد لكم أن الشعوب أقوى من الأنظمة؛ فالشعوب تتحرك في هذه الأيام على عكس ما ترى تلك الأنظمة وما يخطط له العدو؛ فسينتصر الإسلام، وسيهزم المشروع الأمريكي الصهيوني على فلسطين بإذن الله، خاصة أن مبشرات النصر قائمة يرسمها شعبنا كل يوم بثباته وتضحياته ومقاومته التي فرضت موازين الردع والرعب مع هذا العدو الذي ظن أنه لا يقهر، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
الشهادة خاتمته
في فجر يوم الإثنين غرة صفر 1425هـ الموافق 22 من مارس 2004م شاء الله تعالى أن يحقق للشيخ ما تمناه منذ سنين؛ حيث لقي الشيخ أحمد ياسين ربه شهيدًا بعد أدائه صلاة الفجر في المسجد، إثر غارةٍ صاروخية إسرائيلية اغتالته هو و8 من الفلسطينيين أمام المسجد؛ لتنتهي قصة أنفاس هذا الرجل، ولتبدأ قصة جيلٍ بناه وأسسه ورباه الشيخ بدمه وبقلبه وبعقله وبإيمانه، وهذا كل ما كان قد تبقى له بعد شلل جسمه وأطرافه.
قال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مرة: "أنا لم أرَ إنسانًا في حياتي فوَّض أمره إلى الله كالشيخ أحمد ياسين".
فوض أمره لربه سبحانه في قسوة حياته حيث ولد ونشأ، وفي الشلل حيث سلبه ريعان شبابه، وفي جهاده واعتقاله ومحاولات اغتياله، وأخيرًا في شهادته التي لقي الله تعالى بها.
إنه القعيد الذي أقام العالم ولم يزل.. إنه الشيخ أحمد إسماعيل ياسين رحمه الله تعالى.
لا لن أبكيك يا أحمد ياسين
نعم لن أبكيك يا شيخنا الجليل فأنا أؤمن بقول الله تعالى :
[ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ {154}] البقرة
[ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {157} وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ {158} ] آل عمران
[ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ {171} ] آل عمران
نعم لن أبكيك يا شيخنا الجليل لأنك فزت فوزاً عظيماً وأي فوز أفضل من نَيل
إحدى الحسنيين ( النصر أو الشهادة ) .
نعم لن أبكيك يا شيخنا الجليل فقد قُتلت مُقبلاً غير مُدبر عزيزاً غير ذليل .
ولكن عُذراً يا شيخنا الجليل فأنا سأحزن على فراقك ...
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فمثلك يستحق أن يُحزن عليه .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فأنت الرجل في زمن كثر فيه الذكور .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فقد زرعت في نفوسنا حب الجهاد والمجاهدين .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فرغم إعاقتك فقد زلزلت الأرض تحت أقدام المغتصبين .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فأنت الشجاع في زمن الجبناء المنهزمين .
نعم سأحزن وأحزن وأحزن .........
ولكن سأردد إنا لله وإنا إليه راجعون >
إلى اللقاء في جنات الخلد يا أسد فلسطين
قصيدة في أحمد ياسين
هذه القصيدة ( القديمة ) قيلت عندما داهمت قوات الاحتلال الصهيوني منزل الشيخ أواخر شهر آب/ أغسطس 1988، وقامت بتفتيشه وهددته بدفعه في مقعده المتحرك عبر الحدود ونفيه إلى لبنان .. وفي ليلة 18/5/1989 قامت سلطات الاحتلال باعتقال الشيخ أحمد ياسين مع المئات من أبناء حركة "حماس" في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على جنود الاحتلال ومستوطنيه واغتيال العملاء .. وكانت هذه القصيدة في جدة بتاريخ 10/6/1989 .. ولكنها تحاكي واقعه هذه الأيام
أحمد ياسين
أخي يا ابنَ ياسينَ يا أحمدُ * لكَ اللهُ .. والجنةُ الموعدُ
حمائمُ ذي العَرشِ لا ماؤها * يَغيضُ ولا زادُها يَنفد
صِراطَ النبيينَ والمرسلينَ * ومَن عُذبوا ومَن استُشهدوا
تطيرُ به الصافناتُ الجيادُ * ويَفرحُ بالجَيدِ الأجْوَدُ
مع اللهِ نبقى .. وباللهِ نَلقى * ونرمي .. وكلُ الأيادي يَدُ
تَفتَحُ تحتَ الظلامِ الورودُ * ويَلمَعُ خَلفَ الجبالِ الغدُ
مِنَ الجَورةِ الأسدُ المقدسيُ * وفي الجَورَةِ الجُودُ والمَحتِدُ
قواربُها نَورسٌ ناصِعُ * البياضِ .. وشُطآنُها العَسْجَدُ
تُحارِبُ فوقَ عُباب البحار * وظلُ بساتينها أرْغَدُ
وأسوارُ جَدّتِها عسقلانَ * لها ولأجدادِها تَشهَدُ
ثراكِ فلسطينُ مُخضَوضِرٌ * ونائِلُكِ الغَمرُ لا يُجْمَدُ
وكم فيكِ مِن عُظماءِ الرِجالِ * وكالأَسَدِ الولدُ الأمْرَدُ
على الجمرِ تشويهِ أمراضُه * وأشْرَسُها .. الشَللُ المُقعِدُ
وتنهشهُ مِن عجافِ السنين * عجائزُ خمسونَ أو أزيدُ
ولكنّهُ .. أمّةٌ وَحدَهُ * إذا ما هوى غَيرُهُ .. يَصْعدُ
معاركُه شَحَذَتْ عَزْمَهُ * كما يشحذ الحربة المِبرَدُ
فقل لابنِ ياسينَ إن جِئتَهُ : * لقد ربِحَ البيعُ يا أحمدُ
نُصِرتَ على أولياءِ اليهودِ * الذينَ إلى الأرضِ قد أخْلَدوا
مِنَ السِلكِ في رفح في الجنوب * إلى بيتِ حانون لا يَقعُدُ
وفي جورة الشمس سيل الضيوف * وباب ابن ياسين .. لا يوصد
يُبلغُ ، يدعو ، يربي ، يقودُ * تعالَوا تعالوا هُنا الموردُ
بقرآنِنا نفتحُ العالمينَ * وقلعةُ أبطالنا .. المسجِدُ
وحولَ ابنِ ياسينَ إخوانُه * حنيفيّةَ المصطفى جَددوا
مشاعِلُهم مِثلُ نارِ الكَليمِ * فكلُ فلسطينَ تَستَوقِدُ
ومُذ حَلّقَ النّسرُ بَعدَ انقطاعْ * يهودُ فرائصُها تُرْعَدُ
فَمُداً بِمُد ، وصاعاً بِصاعْ * ويُجْتَثُ مِن أصْلِهِ الغَرقَدُ
أتستأسدونَ بني قَينُقاعْ * ويَطفَحُ حِقدُكم الأسودُ ؟!!
ويُرعِبُكمْ مُقعَدٌ في القِطاعْ * يموتُ مِرارا ولا يُلْحَدُ
ولولا حِرابُ العبيدِ الرَعاعْ * لما أصبحَ القِردُ يستأسِدُ
غداً جيشُ أحمدَ يا قينقاع * ملايينُ كلُهمو .. أحمدُ
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/images/topic_03.gif
الشيخ ياسين.. القعيد الذي أقام العالم
حين تراه ثم تسمع عن إنجازاته تدرك تمامًا قول الله تعالى في الحديث القدسي: "فإذا أحببته كنتُ: سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها" [رواه البخاري].
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/articles/images/pic0a.jpg
قسوة الحياة مبتدؤه
هذا هو الشيخ أحمد إسماعيل ياسين الذي ولد في جورة عسقلان قضاء المجدل عام 1938م، ليعيش بعدها فترة من شظف العيش وقسوته؛ فقد مات والده وهو ابن خمس سنين، واضطر إلى اللجوء إلى قطاع غزة عقب هزيمة عام 1948م وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، واقتات هو وأهله ما كان يتبقى من معسكرات الجيش المصري هناك، ثم كانت ثالثة الأثافي في عام 1952م حين تعرض لحادثة وهو ابن الرابعة عشرة أثناء ممارسته الرياضة مع بعض أقرانه؛ حيث أصيب بكسر في فقرات العنق، نتج عنه شلل جميع أطرافه شللا تامًّا؛ ليعرف حينها أنه سيبقى رهين الكرسي طيلة حياته.
إرادة الفعل منتصفه
كان ما أصاب الشيخ ياسين وهو في سنه الصغيرة تلك كفيلا بأن يقضي على حياة أي إنسانٍ؛ ليموت وهو ما زال حيًّا، لكن الشيخ لم يكن من ذلك النوع المستسلم اليائس؛ إذ سرعان ما أكمل تعليمه الثانوي في العام الدراسي 57/1958م، ثم نجح في الحصول على فرصة عمل رغم الاعتراض على حالته الصحية؛ فعمل مدرسًا للغة العربية والتربية الإسلامية، ثم خطيبًا في مساجد غزة، وأصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته وجسارته في الحق، وانتمى إلى الإخوان المسلمين فكرًا وتنظيمًا.
وبعد هزيمة 1967م استمر الشيخ أحمد ياسين رغم الاحتلال في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباسي الذي كان يخطب فيه، ونشط كذلك في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم أسس المجمع الإسلامي في غزة عام 1973م، وبقي رئيسًا له حتى عام 1984م.
وفي عام 1983 اعتقل الشيخ أحمد ياسين بتهمة حيازة أسلحة، وتشكيل تنظيم عسكري، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود، وقد حوكم الشيخ أمام محكمة عسكرية صهيونية أصدرت عليه حكمًا بالسجن لمدة 13 عامًا، ثم ما لبث أن أفرج عنه عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، بعد أن أمضى 11 شهرًا في السجن.
ثم أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من النشطاء الإسلاميين الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين تنظيمًا لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة عام 1987م، وكان هدف هذا التنظيم مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بغية تحرير فلسطين.. كل فلسطين، وكان له دورٌ مهمٌّ في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في ديسمبر من العام نفسه، والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد، ومنذ ذلك الوقت والشيخ ياسين يُعتبر الزعيم الروحي لتلك الحركة.
ومع تصاعد حملات المقاومة الفلسطينية ازدادت ملاحقة إسرائيل للشيخ ياسين؛ فقاموا في عام 1988م بتفتيش بيته، وهددته بدفعه بكرسيه المتحرك عبر الحدود، ونفيه إلى لبنان، ثم قامت في 1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حماس، وفي 1991م أصدرت المحكمة الإسرائيلية عليه حكمًا بالسجن مدى الحياة مضافًا إليه 15 عامًا، ولبث في السجن بضع سنين حتى تم الإفراج عنه عام 1997م بموجب اتفاق جرى التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل للإفراج عن الشيخ مقابل تسليم عميلين صهيونيين اعتقلا في الأردن عقب محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي في حركة حماس.
وقد استمرت محاولات إسرائيل لاغتيال الشيخ التي كان آخرها في 2003م حين استهدفت مروحيات إسرائيلية شقةً في غزة كان يوجد بها الشيخ، وكان يرافقه الأستاذ إسماعيل هنية، أصيب الشيخ على إثرها بجروح طفيفة في ذراعه اليمنى.
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/articles/images/pic_11a.jpg
الحوار منهجه
كان الشيخ دائمًا من المنادين بالوحدة الوطنية، وقد تبنى طوال حياته مواقف مرنة تجاه السلطة الفلسطينية، وقد حظي مرارًا باحترام رئيس السلطة الفلسطينية وكبار القادة، وعمل على تحسين العلاقات مع السلطة.
كما عُرف عن الشيخ ياسين استعداده للحوار مع الجميع، وقد صرح مرة قائلا: "نحن في حركة المقاومة الإسلامية حماس لم نغلق الباب أمام الحوار مع أي دولة في العالم ولا الولايات المتحدة الأمريكية، بل هي مفتوحة للجميع".
http://islamonline.net/arabic/in_depth/yasin/articles/images/pic_11b.jpg
الإيمان كلماته
- "السر يكمن في الإرادة، وإيمان الإنسان بالمبدأ الذي يسير عليه؛ فالدنيوي يقول: لو أن الدنيا ذهبت منه فقد خسر كلَّ شيء، لكن الإنسان المؤمن الذي يؤمن أنه ذاهب إلى جنة عرضها السماوات والأرض يريد أن ينتقل من دنيا فانية إلى الراحة والطمأنينة والاستقرار عند رب العالمين؛ فهو ينتظر هذا اليوم، ويستبسل ويقاتل من أجل الفوز في هذا اليوم، ويثبت في الميدان حتى آخر رمق في حياته".
- "إن من مظاهر وعلامات السلامة أن تشعر الأمة بقلق إزاء قضية فلسطين، قضية الأمة، ولكن المقاومة مستمرة، وفي كل يوم هناك عمليات وشهداء وتضحيات، أما قضية السور فهي هامشية".
- "أؤكد لكم أن الله غالب على أمره، وأن ثقتنا في الله أولا، ثم في شعوب أمتنا المسلمة، الشعوب المؤمنة كبيرة وعالية، وأننا بفضل الله ثم بدعائكم ودعمكم سننتصر، وسيجعل الله لنا ولكم بعد عسر يسرًا".
- "هؤلاء المهرولون الذين انتصروا لمعصية الله لا يصلحون أن يدافعوا عن قضايا الأمة، وأن يقفوا في وجه الأعداء، وسيلفظهم التاريخ كما لفظ من قبلهم، والأيام دول، وصدق الله العظيم القائل: {وتلك الأيام نداولها بين الناس}، وصدق الله العظيم القائل: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}؛ فهؤلاء مفسدون لا بقاء لهم في سجل الخالدين لا أحياء ولا أموات".
- "أؤكد لكم أن الشعوب أقوى من الأنظمة؛ فالشعوب تتحرك في هذه الأيام على عكس ما ترى تلك الأنظمة وما يخطط له العدو؛ فسينتصر الإسلام، وسيهزم المشروع الأمريكي الصهيوني على فلسطين بإذن الله، خاصة أن مبشرات النصر قائمة يرسمها شعبنا كل يوم بثباته وتضحياته ومقاومته التي فرضت موازين الردع والرعب مع هذا العدو الذي ظن أنه لا يقهر، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
الشهادة خاتمته
في فجر يوم الإثنين غرة صفر 1425هـ الموافق 22 من مارس 2004م شاء الله تعالى أن يحقق للشيخ ما تمناه منذ سنين؛ حيث لقي الشيخ أحمد ياسين ربه شهيدًا بعد أدائه صلاة الفجر في المسجد، إثر غارةٍ صاروخية إسرائيلية اغتالته هو و8 من الفلسطينيين أمام المسجد؛ لتنتهي قصة أنفاس هذا الرجل، ولتبدأ قصة جيلٍ بناه وأسسه ورباه الشيخ بدمه وبقلبه وبعقله وبإيمانه، وهذا كل ما كان قد تبقى له بعد شلل جسمه وأطرافه.
قال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مرة: "أنا لم أرَ إنسانًا في حياتي فوَّض أمره إلى الله كالشيخ أحمد ياسين".
فوض أمره لربه سبحانه في قسوة حياته حيث ولد ونشأ، وفي الشلل حيث سلبه ريعان شبابه، وفي جهاده واعتقاله ومحاولات اغتياله، وأخيرًا في شهادته التي لقي الله تعالى بها.
إنه القعيد الذي أقام العالم ولم يزل.. إنه الشيخ أحمد إسماعيل ياسين رحمه الله تعالى.
لا لن أبكيك يا أحمد ياسين
نعم لن أبكيك يا شيخنا الجليل فأنا أؤمن بقول الله تعالى :
[ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ {154}] البقرة
[ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {157} وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ {158} ] آل عمران
[ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ {171} ] آل عمران
نعم لن أبكيك يا شيخنا الجليل لأنك فزت فوزاً عظيماً وأي فوز أفضل من نَيل
إحدى الحسنيين ( النصر أو الشهادة ) .
نعم لن أبكيك يا شيخنا الجليل فقد قُتلت مُقبلاً غير مُدبر عزيزاً غير ذليل .
ولكن عُذراً يا شيخنا الجليل فأنا سأحزن على فراقك ...
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فمثلك يستحق أن يُحزن عليه .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فأنت الرجل في زمن كثر فيه الذكور .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فقد زرعت في نفوسنا حب الجهاد والمجاهدين .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فرغم إعاقتك فقد زلزلت الأرض تحت أقدام المغتصبين .
نعم سأحزن على فراقك يا شيخنا فأنت الشجاع في زمن الجبناء المنهزمين .
نعم سأحزن وأحزن وأحزن .........
ولكن سأردد إنا لله وإنا إليه راجعون >
إلى اللقاء في جنات الخلد يا أسد فلسطين
قصيدة في أحمد ياسين
هذه القصيدة ( القديمة ) قيلت عندما داهمت قوات الاحتلال الصهيوني منزل الشيخ أواخر شهر آب/ أغسطس 1988، وقامت بتفتيشه وهددته بدفعه في مقعده المتحرك عبر الحدود ونفيه إلى لبنان .. وفي ليلة 18/5/1989 قامت سلطات الاحتلال باعتقال الشيخ أحمد ياسين مع المئات من أبناء حركة "حماس" في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على جنود الاحتلال ومستوطنيه واغتيال العملاء .. وكانت هذه القصيدة في جدة بتاريخ 10/6/1989 .. ولكنها تحاكي واقعه هذه الأيام
أحمد ياسين
أخي يا ابنَ ياسينَ يا أحمدُ * لكَ اللهُ .. والجنةُ الموعدُ
حمائمُ ذي العَرشِ لا ماؤها * يَغيضُ ولا زادُها يَنفد
صِراطَ النبيينَ والمرسلينَ * ومَن عُذبوا ومَن استُشهدوا
تطيرُ به الصافناتُ الجيادُ * ويَفرحُ بالجَيدِ الأجْوَدُ
مع اللهِ نبقى .. وباللهِ نَلقى * ونرمي .. وكلُ الأيادي يَدُ
تَفتَحُ تحتَ الظلامِ الورودُ * ويَلمَعُ خَلفَ الجبالِ الغدُ
مِنَ الجَورةِ الأسدُ المقدسيُ * وفي الجَورَةِ الجُودُ والمَحتِدُ
قواربُها نَورسٌ ناصِعُ * البياضِ .. وشُطآنُها العَسْجَدُ
تُحارِبُ فوقَ عُباب البحار * وظلُ بساتينها أرْغَدُ
وأسوارُ جَدّتِها عسقلانَ * لها ولأجدادِها تَشهَدُ
ثراكِ فلسطينُ مُخضَوضِرٌ * ونائِلُكِ الغَمرُ لا يُجْمَدُ
وكم فيكِ مِن عُظماءِ الرِجالِ * وكالأَسَدِ الولدُ الأمْرَدُ
على الجمرِ تشويهِ أمراضُه * وأشْرَسُها .. الشَللُ المُقعِدُ
وتنهشهُ مِن عجافِ السنين * عجائزُ خمسونَ أو أزيدُ
ولكنّهُ .. أمّةٌ وَحدَهُ * إذا ما هوى غَيرُهُ .. يَصْعدُ
معاركُه شَحَذَتْ عَزْمَهُ * كما يشحذ الحربة المِبرَدُ
فقل لابنِ ياسينَ إن جِئتَهُ : * لقد ربِحَ البيعُ يا أحمدُ
نُصِرتَ على أولياءِ اليهودِ * الذينَ إلى الأرضِ قد أخْلَدوا
مِنَ السِلكِ في رفح في الجنوب * إلى بيتِ حانون لا يَقعُدُ
وفي جورة الشمس سيل الضيوف * وباب ابن ياسين .. لا يوصد
يُبلغُ ، يدعو ، يربي ، يقودُ * تعالَوا تعالوا هُنا الموردُ
بقرآنِنا نفتحُ العالمينَ * وقلعةُ أبطالنا .. المسجِدُ
وحولَ ابنِ ياسينَ إخوانُه * حنيفيّةَ المصطفى جَددوا
مشاعِلُهم مِثلُ نارِ الكَليمِ * فكلُ فلسطينَ تَستَوقِدُ
ومُذ حَلّقَ النّسرُ بَعدَ انقطاعْ * يهودُ فرائصُها تُرْعَدُ
فَمُداً بِمُد ، وصاعاً بِصاعْ * ويُجْتَثُ مِن أصْلِهِ الغَرقَدُ
أتستأسدونَ بني قَينُقاعْ * ويَطفَحُ حِقدُكم الأسودُ ؟!!
ويُرعِبُكمْ مُقعَدٌ في القِطاعْ * يموتُ مِرارا ولا يُلْحَدُ
ولولا حِرابُ العبيدِ الرَعاعْ * لما أصبحَ القِردُ يستأسِدُ
غداً جيشُ أحمدَ يا قينقاع * ملايينُ كلُهمو .. أحمدُ